Translate

الاثنين، 13 مايو 2013


السرقة عند الأطفال
الدوافع و العلاج 


أطفالنا ثروتنا الحقيقية التي لا تقدر بثمن ، فهم أكبادنا التي تمشي
على الأرض ، و محور اهتمامنا ، ومن ثم فإنا نتطلع إلى رؤيتهم
دوماً في أحسن حال وأعظم مرتبة 
ومن الطبيعي أن يكون وقع الصدمة على الوالدين كبيرا إذا اكتشفوا
قيام طفلهم بفعلة مشينة ، كالكذب أو السرقة ، موجهين لأنفسهم
تهمة الإهمال والتقصير في تربية هذا الطفل ، ومن ثم تسود لديهم
النظرة السوداوية عن مستقبل طفلهم ، ملصقين له حكماً سريعاً بأنه
( لص ) وأنه سيصبح منبوذا منهم ومن المجتمع .



وإذا قارنا موقف الأهل من مشكلة سرقة الطفل أو التأخر الدراسي 
نجد أن وقع السرقة عليهم أكبر بكثير ، ولسنا نبالغ إن قلنا إن وقعه
 يأتي كالطامة التي تجعل الأهل يتخبطون ، ولا غرو في ذلك ؛ لأنهم 
ينظرون إلى السرقة كداء ينتفي معه صلاح طفلهم .

ومن هنا كان لزاما علينا أن نبدأ في رحلة الكشف عن الدوافع
الرئيسة للسرقة لدى الأطفال لمعرفة الحل الأمثل والأنجع للعلاج .



السرقة موروثة أم مكتسبة
 ؟! 


يمكن تعريف السرقة على أنها الاستيلاء على ما يملكه الأخر بدون 
وجه حق ، فالسرقة هي إحدى العادات السلوكية السيئة التي لا ترجع 
إلى أي دوافع فطرية ؛ بل إنها مكتسبة من المحيط الذى يعيشون
  فيه ، عن طريق التقليد وهى ليست حتمية الحدوث .

والسرقة كما يراها علماء النفس
 ، تختلف من مرحلة عمرية لأخرى
وفقاً لإدراك الطفل لمعنى السرقة ، وتفرقته بينها وبين الاستعارة ، 
فطفل الثالثة غالباً ما يسعى لأخذ كل ما يجتذب انتباهه ويخبئه في
جيبه ، وهو ما يحدث كثيرا في تجمعات الأطفال ، 
مثل : ( الحضانة ) وفي هذه المرحلة لا ينبغي الحكم على الطفل بأنه
سارق لأنه لم يكتسب بعد مفهوم الملكية الفردية والملكية العامة ، 
فهذه الميول الاستكشافية لدى الطفل إحدى سمات المرحلة ، 
وليست ميولا إجرامية .


وبعض الأمهات يقعن في خطأ جسيم قد يرسخ عادة السرقة -
 التي لم
تكن مقصودة - عند طفلها بالتعتيم على هذا السلوك الطارىء ، وإن 
اضطرها ذلك إلى عدم إعادة الشيء إلى أصحابه ، ظناً منها أنها
ستفضح ابنها حال قيامها برد ما أخذه الولد ، في حين أن الأطفال
تترجم هذا التصرف على أنه أمر عادي وشيء مباح .

وتعد المرحلة العمرية من الثالثة إلى الخامسة هي أنسب مرحلة
لإرساء مفهوم الملكيات الخاصة عند الأطفال ؛ 

لأن من شب على شيء شاب عليه . 




لماذا يسرق الأطفال
 ؟! 

وبالنظر إلى دوافع السرقة نجد أنها كثيرة ومتعددة عند الأطفال
 ، 
فهي تبدأ كاضطراب سلوكي في سن الخامسة حتى الثامنة من عمر 
الطفل ، وقد يتطور الأمر في سن العاشرة حتى الخامسة عشر ، 
ومن أعراض هذا الاضطراب السلوكي
الكذب والعدوانية والتأخر الدراسي .

وتأتي 
الغيرة والانتقام كأحد دوافع السرقة كأن يغار من إخوته 
لتفوقهم أو تميزهم عليه في مجال من المجالات أو نشاط من
الأنشطة ، فيحاول أن يشفي غليله منهم بالسرقة كنوع من رد الفعل 
الذي يشعره بشيء من الرضا الكاذب .

كما يعد 
الاضطراب المزاجي أحد أسباب السرقة ودوافعها ، حيث 
يكون الطفل غير متحكم في مشاعره ويعاني من العصبية الشديدة في
حالة عدم تلبية رغباته .

وربما يسرق الطفل أيضاً 
للفت الانتباه ، وللحرمان من الحب خاصة
في حالات انشغال الأهل أو لوجود شحناء بينهم . 




وللسرقة دوافع أخرى مثل
 : 
 الخوف ، أو الحاجة إلى الشعور بالاستقلال ، أو التفاخر بين
أصدقائه بامتلاك شيء مميز يشبع لديه جانب النقص الذي يسببه له
أحياناً بخل الوالدين .

ومن الجدير بالذكر أن المستوى الاجتماعي ليس له علاقة بسعي
الطفل إلى السرقة ، فقد تتوفر له كل سبل الرفاهية ، ويجاب إلى ما
طلب ؛ ورغم ذلك تجده يسرق ، فهذا متوقف على الطريقة المتبعة
في التربية والتي يفضل فيها أسلوب الترغيب والترهيب أو الثواب
والعقاب .

ومن الغريب قيام بعض الأطفال بسرقة الطفل الذي يحبونه إذا لم
يلقوا منه أي تجاوب تجاههم ، وغالباً ما يكون المحبوب من الجنس
الآخر معتبرين الشيء المسروق رمزاً لاستمرار العلاقة ، وهو ما 
يعرف  ( بظاهرة الأثرية ) أي الاحتفاظ بأثرٍ من مقتنيات من يحب .

مهارات الطفل السارق 

يرى علماء التربية أن السرقة تتطلب أن يكون لدى السارق عدة 
مهارات عقلية وجسمية تمكنه من القيام بهذا العمل ، كسرعة 
الحركة ، ودقة الحواس والجرأة وقوة الأعصاب والذكاء 
وهي صفات إذا استثمرت بشكلٍ صحيحٍ فإن ذلك سيكون 
في صالح الطفل .

فمثلاً إذا قام الطفل بأخذ قطعة من الحلوى من أحد المحلات وخبأها 
في ملابسه ، فلابد من توجيهه وإفهامه - دون تعنيف أو ضرب 
 أن هذا الشيء لا يجوز ،
ويفضل اتباع أسلوب تأنيب الضمير معه 
عن طريق سؤاله عن شعوره إذا ما أخذ منه أحد شيئا عزيزا عليه . 

وهذا الأسلوب يسهم في تنبيه جهاز الطفل العصبي
 فيجعله يمييز بين ما يملك وما لا يملك .


نصائح الأطباء 


ينصح الأطباء النفسيون بعدة أمور احترازية
 لتفادي داء السرقة
لتصبح أمرا عارضا وليس مرضياً ،
ومن هذه الأمور
 :

-  المساواة والعدل بين الأبناء ، وعدم تفضيل أحدهم على الآخر
حتى لا يكون ذلك باعثا على إذكاء نار الغيرة والكراهية بينهم .

-
  متابعة الطفل ومعرفة مصدر الأشياء التي بحوزته في محاولة لمد
جذور التواصل بين الأهل والمدرسة .

-  اتباع أسلوب الترغيب والترهيب ، والثواب والعقاب ،
 وعدم إلصاق تهمة اللصوصية بالطفل ، فعند الاكتشاف الأول يمكن
مسامحة الطفل ، مع التحفظ على أن تكرار هذه الفعلة مرة أخرى
سوف يترتب عليه عقاب يحدده الوالدان بشرط أن يكون متدرجا ،
علما أن التكرار ليس دليلا على عدم قابلية الطفل للإصلاح .

-  مكافأة الطفل على كونه لا يعبث بأشياء الآخرين من أصدقائه مع
تشجيعه وضرب الأمثلة له أن الآخرين يفعلون أفعالا خاطئة بينما
أنت متميز عنهم .

-  ضرورة التشديد على الطفل منذ نعومة أظفاره وإعلامه بحرمة
السرقة ، وذلك بأسلوب سهل ومبسط ،
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - حين أراد أن يجذب عبد الله بن
عمر بن الخطاب لصلاة الليل لم يعاقبه ولم يوبخه ،  

بل قال له :

( نعم الرجلُ عبد الله، لو كان يصلي بالليل )

وبطريقة المدح هذه قد ذكره صلى الله عليه وسلم بشيء قد غفل عنه  
فأصبح أمرا محببا إلى نفسه .


( كان الرجلُ في حياة النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا رأى رؤيا قصها
على النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ،
فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ،
 وكنتُ غلاما شابا عزبا ، وكنتُ أنام في المسجد على عهد النبي
صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فرأيت في المنام :
كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطي البئر ،
وإذا لها قرنان كقرني البئر ، وإذا فيها ناس قد عرفتهم ،
فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار ،
فلقيهما ملك آخر ، فقال لي  : لن تراع ، فقصصتها على حفصة ،
فقصتها حفصة على النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فقال :
 ( نعم الرجلُ عبد الله، لو كان يصلي بالليل ) .  
 قال سالم :  
 فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قُلْيلا .)

الراوي : عبدالله بن عمر- المحدث : البخاري 
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم : 3738
خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]


-  ضرورة قيام الوالدين برد ما أخذه الطفل خلسة ؛ لأن التغاضي عن
هذه الفعلة قد ترسخ في ذهنه أن ذلك أمر عادى ، مع الإكثار من
حكاية القصص التي تبين عقوبة السرقة وعقاب السارق التي
سيتعرض لها  إذا فعل ذلك .

-  تعويد الطفل وتربيته على أنه ليس بالضرورة أن يتوفر لديه كل ما
يطلبه - خاصة الأمور الترفيهية -  
فلابد أن يعيش بوسطية فلا إفراط ولا تفريط .

-  لابد من أخذ الأمر بجدية وسرية تامة بحيث لا تتعدى الأب والأم ،
وإذا علم الأبناء من الممكن إفهامهم أن أخاهم أخذ الشيء من قبيل
الخطأ وليس العمد .

-  متابعة الوالدين لنوعية الأفلام والقصص التي يتعرض لها
الأطفال ؛ للتأكد من خلوها من السلوكيات الخاطئة التي قد يقلدونها ،
فمن الضروري أن يختاروا لطفلهم ما يتلائم مع المرحلة العمرية
التي يمر بها .

فأطفالنا كالصلصال الطيِّع كيفما شكلناهم وربيناهم وجدناهم ،
فهم أمانة في أيدينا تستوجب منا الدأب والمثابرة لنتعامل معهم
بالطريقة العلمية الصحيحة .

   
صورة
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق